الأونروا تحذر: 6 آلاف شاحنة محتجزة والجوع والمرض يفاقمان كارثة غزة
الأونروا تحذر: 6 آلاف شاحنة محتجزة والجوع والمرض يفاقمان كارثة غزة
بينما كان يتوقع العالم أن يخفف وقف إطلاق النار من معاناة المدنيين في قطاع غزة، تؤكد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن الواقع يسير في الاتجاه المعاكس تماماً، فالحصار المشدد ومنع دخول المساعدات وحرمان الوكالة من كوادرها ومواردها دفع الوضع الإنساني إلى أحد أسوأ مستوياته منذ بدء الحرب.
وتقول الوكالة في بيان، اليوم الاثنين، إن غزة ما تزال تعيش كارثة إنسانية شاملة، إذ يقف عند المعابر نحو ست آلاف شاحنة غذائية عاجزة عن الوصول إلى الفلسطينيين، بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات وعلى حركة موظفي الأونروا الدوليين.
وتضيف أن سكان القطاع يعيشون اليوم على الحد الأدنى من الغذاء، حيث لا يحصل كثيرون إلا على وجبة واحدة فقط خلال 24 ساعة، في حين يدخل يومياً ما يقارب مئة وسبعين شاحنة، وهو رقم لا يقترب حتى من نصف الحاجة الفعلية.
مساحات مثقلة بالمعاناة
تتولى الأونروا إدارة مئة مركز إيواء تستقبل أكثر من ثمانين ألف نازح، وفي هذه المساحات المكدسة التي فقدت شروط الحياة الأساسية، تحاول الوكالة توفير الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية للناجين من القصف والنزوح المستمر، ومع ذلك، تشير الوكالة إلى أنها تواجه نقصاً حاداً في المواد الأساسية، من الماء والغذاء إلى المستلزمات الصحية والطبية، الأمر الذي يزيد من هشاشة السكان ويعمق صدماتهم النفسية.
وتوضح أن أكثر من 90 من سكان غزة باتوا يعتمدون بالكامل على الإغاثة الإنسانية، في ظل انهيار شبه كامل للبنية الصحية والخدمية في القطاع.
تؤكد الأونروا أن ما يقارب 300 ألف طالب يتابعون تعليمهم عن بعد، في حين يحضر خمسون ألفاً إلى الصفوف حضورياً في ظروف قاسية وغير آمنة، ويجلس نحو 44 ألف طفل داخل 330 مساحة تعليمية مؤقتة منتشرة في تسعة وخمسين مركز إيواء، معظمها دون مقاعد أو وسائل تعلم مناسبة، ويضطر العديد من الأطفال إلى الجلوس على الأرض الباردة، في بيئة تزيد من إحساسهم بانعدام الأمان وتعمق جراحهم النفسية.
تفشي سوء التغذية
تشير الأونروا إلى أن القطاع الصحي يعاني شللاً واسعاً، ما يجعل عياداتها 135، بين ثابتة ومتنقلة، بمنزلة خط الدفاع الطبي الوحيد تقريباً، وتستقبل هذه المرافق خمسة عشر ألف مريض يومياً عبر سبعة مراكز صحية وخمساً وثلاثين نقطة متنقلة، في وقت تجاوز عدد الزيارات الطبية منذ السابع من أكتوبر خمس عشرة مليون زيارة.
وتكشف الوكالة أن مستويات سوء التغذية وصلت إلى 90 في المئة من السكان، وهو معدل يعكس حالة الجوع الجماعي التي تتعمق يوماً بعد يوم، كما تشير إلى انتشار أمراض الجهاز التنفسي، وأمراض المعدة، والإسهال الحاد بين الأطفال، نتيجة التلوث ونقص المياه النظيفة.
ومنذ بداية الحرب، فقدت الوكالة الأممية 380 من موظفيها، وهو الرقم الأعلى في تاريخ الأمم المتحدة من حيث الخسائر البشرية في مؤسسة أممية خلال صراع واحد. كما تضرر تسعون في المئة من منشآتها البالغ عددها قرابة 300 مبنى بين تدمير كلي وجزئي، ما قلص قدرتها التشغيلية بشكل كبير.
وتقول الوكالة إنها تواجه عجزاً مالياً يصل إلى مئتي مليون دولار، بعد وقف الولايات المتحدة دعمها البالغ 360 مليون دولار سنوياً، إلى جانب تعرضها لحملات تشويه ممولة تهدف إلى نزع الشرعية عنها وربطها بالإرهاب، في محاولة لتجفيف مواردها.
التقييم وتوثيق الانتهاكات
تشير الأونروا إلى أن إسرائيل تمنع دخول موظفيها الدوليين إلى القطاع، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ عمل الوكالة. وتوضح أن هذا المنع يعطل عمليات الإشراف والتقييم وتوثيق الانتهاكات، إضافة إلى الحد من الرقابة الإنسانية على المساعدات وكيفية توزيعها وقدرتها على الوصول إلى الأشد حاجة.
تأسست الأونروا عام 1949 لتقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وفي قطاع غزة، تعد الوكالة أكبر مؤسسة مدنية تقدم التعليم والصحة والإغاثة، وتعمل منذ عقود بوصفها هيئة شبه حكومية في ظل غياب بنية رسمية قادرة على حمل هذه المهام.
ومنذ أكتوبر 2023 تواجه الوكالة واحدة من أعنف الهجمات الوجودية في تاريخها نتيجة تدمير منشآتها، ومقتل موظفيها، وقطع تمويلاتها، ومنع دخول كوادرها الدولية، إلى جانب التضييق على وصول المساعدات، وتحذر الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة الإنسانية في غزة، ما يعرض حياة ملايين المدنيين للخطر المباشر.











